بعد تراجع حزب النهضة الإسلامي أمام حزب نداء تونس في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بدا واضحا أن الشعب التونسي يعيد الحسابات بعد وهج الثورة خلال الأربع السنوات الماضية، كما عاد الصراع بين الأحزاب الدينية والمدنية في العالم العربي من جديد بين رافض للانتخابات ومتقبل لها، خلاف النهضة الذين تقبلوا النتيجة بكل رحابة صدق، وهنا تكمن المفارقة، فالمعنيون بالأمر كانوا أكثر هدوءا من الذين لا يعنيهم الأمر لا من قريب ولا من بعيد، إلا كصراع تيارات متخاصمة منذ أمد.
نجاح التجربة التونسية كان مربوطا بوعي المجتمع التونسي لمفهوم الديمقراطية، ومفهوم أحزابه لها، وهو ما جعل الأمور تسير بشكل جيد طيلة الأربع سنوات الماضية، على الرغم من أنه لم يكن هناك أي تغيير حثيث على مستوى الدولة ولا على مستوى الأفراد، وبالتأكيد تجربة أربع سنوات ليست كافية لأي حزب، سواء كان مدنيا أو دينيا لكي يرتب الأمور، وباستثناء الحرية السياسية فلم يحصل شيء يذكر، وهذا شيء متوقع لسببين: الأول: قصر عمر التجربة الديمقراطية لكل الأحزاب بلا استثناء، والثاني أنه لا برنامج حقيقيا على أرض الواقع من قبل هذه الأحزاب جميعها، وإنما غالبية برامج الأحزاب تهدف إلى السلطة وليس إلى رفاهية الشعب، إضافة على تأثيرات ما يسمى بالدولة العميقة التي يرى البعض أن حزب نداء تونس أحد إفرازاتها، وها هي تعود مرة أخرى، ومهما يكن حقيقة الأمر، فبالتأكيد أن تونس تجاوزت غالب مشكلات العرب بأحزابهم لتعطي تجربة تستحق القراءة والتوقف فتصالح الإسلاميين والعلمانيين فيها تجربة تونسية خاصة ربما لا مثيل لها في العالم العربي، ويجلس الخصمان: النهضة ونداء تونس، تحت قبة واحدة، كونهما الحزبين اللذين حازا أكثر الأصوات مع تراجع الحزب الأول لصالح الثاني، فهل تسير الأمور بشكل سلس، أم أن تتحول إلى أزمة سياسية طويلة؟ هذا ما سوف تكشف عنه الأحداث لاحقا إن تصديقا أو تكذيبا.
كتب قبل نحو ثلاث سنوات في غير هذا المكان أن «الديمقراطية أحد أهم الإفرازات العلمانية، ويمكن القول: إن أي دولة ديمقراطية هي بالضرورة دولة علمانية مهما حاول البعض الفصل بين المفهومين، وعلى هذا الأساس يصبح التيار الديني المستنير الذي يريد الوصول إلى الحكم مع الحفاظ على حقوق الإنسان المعترف بها في معظم الدول وهي مبادئ أساسية في مفهوم الدولة الحديثة أقول يصبح تيارا (دينيا ما بعد علماني)، أي أنه لا يمكنه تجاوز الحقوق التي تأصلت وفق الفضاء العلماني العام، ومن هنا جنح إلى قراءة إسلامية مستنيرة للدين والدولة على حد سواء كمحاولة توفيقية بين ما هو ديني/ مقدس وما هو دنيوي/ تاريخي».
قد لا يتفق معي الكثيرون حول ربط الديمقراطية بالعلمانية، لكنها بالتأكيد أحد أهم إفرازاتها في العصر الحديث، وإن كان العالم العربي يخلو تماما من أي دولة عربية علمانية صريحة في علمانيتها، إلا أن الكثير من أعمال الدولة القطرية تأخذ جانبا من جوانبها أو تطبقها بشكل أو بآخر مع بعض اللمسات الدينية من هنا أو هناك، وها هو المجتمع التونسي ينحاز إلى بعض التيارات العلمانية ليتراجع التيار الإسلامي أمامها رغم اعتداله وتصالحه مع قيم الدولة الحديثة، لكن تفرز الديمقراطية شروطها الخاصة التي غالبا ما تذهب إلى الحرية والفردية، وهذا التراجع لعله يوضح أن المنطقة العربية بدأت تتخلى عن شعار الأسلمة لأسباب كثيرة لم يخصص المقال لها، ولعلنا نكتب عنها لاحقا.
نجاح التجربة التونسية كان مربوطا بوعي المجتمع التونسي لمفهوم الديمقراطية، ومفهوم أحزابه لها، وهو ما جعل الأمور تسير بشكل جيد طيلة الأربع سنوات الماضية، على الرغم من أنه لم يكن هناك أي تغيير حثيث على مستوى الدولة ولا على مستوى الأفراد، وبالتأكيد تجربة أربع سنوات ليست كافية لأي حزب، سواء كان مدنيا أو دينيا لكي يرتب الأمور، وباستثناء الحرية السياسية فلم يحصل شيء يذكر، وهذا شيء متوقع لسببين: الأول: قصر عمر التجربة الديمقراطية لكل الأحزاب بلا استثناء، والثاني أنه لا برنامج حقيقيا على أرض الواقع من قبل هذه الأحزاب جميعها، وإنما غالبية برامج الأحزاب تهدف إلى السلطة وليس إلى رفاهية الشعب، إضافة على تأثيرات ما يسمى بالدولة العميقة التي يرى البعض أن حزب نداء تونس أحد إفرازاتها، وها هي تعود مرة أخرى، ومهما يكن حقيقة الأمر، فبالتأكيد أن تونس تجاوزت غالب مشكلات العرب بأحزابهم لتعطي تجربة تستحق القراءة والتوقف فتصالح الإسلاميين والعلمانيين فيها تجربة تونسية خاصة ربما لا مثيل لها في العالم العربي، ويجلس الخصمان: النهضة ونداء تونس، تحت قبة واحدة، كونهما الحزبين اللذين حازا أكثر الأصوات مع تراجع الحزب الأول لصالح الثاني، فهل تسير الأمور بشكل سلس، أم أن تتحول إلى أزمة سياسية طويلة؟ هذا ما سوف تكشف عنه الأحداث لاحقا إن تصديقا أو تكذيبا.
كتب قبل نحو ثلاث سنوات في غير هذا المكان أن «الديمقراطية أحد أهم الإفرازات العلمانية، ويمكن القول: إن أي دولة ديمقراطية هي بالضرورة دولة علمانية مهما حاول البعض الفصل بين المفهومين، وعلى هذا الأساس يصبح التيار الديني المستنير الذي يريد الوصول إلى الحكم مع الحفاظ على حقوق الإنسان المعترف بها في معظم الدول وهي مبادئ أساسية في مفهوم الدولة الحديثة أقول يصبح تيارا (دينيا ما بعد علماني)، أي أنه لا يمكنه تجاوز الحقوق التي تأصلت وفق الفضاء العلماني العام، ومن هنا جنح إلى قراءة إسلامية مستنيرة للدين والدولة على حد سواء كمحاولة توفيقية بين ما هو ديني/ مقدس وما هو دنيوي/ تاريخي».
قد لا يتفق معي الكثيرون حول ربط الديمقراطية بالعلمانية، لكنها بالتأكيد أحد أهم إفرازاتها في العصر الحديث، وإن كان العالم العربي يخلو تماما من أي دولة عربية علمانية صريحة في علمانيتها، إلا أن الكثير من أعمال الدولة القطرية تأخذ جانبا من جوانبها أو تطبقها بشكل أو بآخر مع بعض اللمسات الدينية من هنا أو هناك، وها هو المجتمع التونسي ينحاز إلى بعض التيارات العلمانية ليتراجع التيار الإسلامي أمامها رغم اعتداله وتصالحه مع قيم الدولة الحديثة، لكن تفرز الديمقراطية شروطها الخاصة التي غالبا ما تذهب إلى الحرية والفردية، وهذا التراجع لعله يوضح أن المنطقة العربية بدأت تتخلى عن شعار الأسلمة لأسباب كثيرة لم يخصص المقال لها، ولعلنا نكتب عنها لاحقا.